انه دكان للخردوات نبيع فيه الخواطر والذكريات.. ونشارك بالقصص ونقرأ من خلاله أفكار اهل الدكاكين المجاوره ونسمع منهم كما نحكى لهم - هو مكان لتواصل جيل أوشك على الرحيل مع جيل هو بطل المستقبل القريب ...

Monday, January 30, 2012

"جـــدو قــــطر...." رحلة مع الحفيد للتعرف على عالم السكة الحديد







طوال الأسبوع الماضى كانت المكالمات التليفونية بيننا انا وحفيدى تشمل عبارة واحدة "جدو قطر" وانا اقول حاضر لما اجيلك يبقى" جدو قطر" وانا كمان جايلك فى القطر عشان تبقى كملت... ركبت قطار الساعة 7 صباحا يوم الخميس من سيدى جابر ومنها مباشرة الى بيت ابنى وحفيدى فى الجيزه وجدته قد ذهب للحضانة وهو يردد من الصباح "جدو قطر" ...فقد اشترينا له العديد من القطارات الكهربية الصغيرة والسيارات الريموت لكنه ابدى اهتماما خاصا بالقطارات فهى تمشى على قضبان لا تحيد عنها ومن الممكن ان تسير فى دائرة وعرباتها متعددة تجر بعضها بعضا هو عادة مايستلقى على جنبه ارضا ويعيش بخياله مع القطارات وهى تمضى امامه ويراقيها عن قرب واذكر اننى كنت افعل ذلك فى طفولتى مع الفارق اننى كنت اصنع مايشبه القطار فلم تكن اللعب قد تطورت بشكلها الحالى واقصى ماكان يمكن الحصول عليه عربة من الصفيح مثلا تشبه الحقيقية بنسبة لا تجاوز 10 فى المائة فقط وكان الخيال يلعب الدور الباقى ...لذا كان الوعد جادا فى ان اصحبه الجمعة الى محطة مصر للتعرف على تلك المعدة الميكانيكية الكبيرة والقوية ليراها على الطبيعة ويركبها ايضا ...جاء وقت رجوع آدم من الحضانة فذهبت مع والدته لاحضاره ومفاجأته هناك ...من خلف الأشجار راقبته يلعب مع حلا وعمر وينطلق فى جرأة ليصعد سلما ويذهب من الحديقة داخل المبنى وحده ...عرفته من شعره المجعد وبياض بشرته ودخلنا من الباب لنجده واقفا فجرى نحونا مع ابتسامة بعرض وجهه كله واخذ فى تعريف الداده والأبله بشخصى وقال مشيرا الىّ " انكل " جريا على ماتنادينى به زوجة ابنى وعاد فأدرك وصحح "جدو ...قطر" ؟ وجلس على حجرى فرحا طول الطريق ونط من الفرحة لرؤية جدته ايضا بالمنزل ...بالليل قرر العودة منفردا معنا ليبيت فى المنيل تاركا والديه واخته لأننا سنصبح الجمعة قاصدين القطار كما وعدنا ...نام فى العاشرة عندنا بعد حدوته واغنيات وقمت الفجر لأجده على رأسى يخبط فيها قائلا "جدو قطر" ...على الكومبيوتر ومن جوجل احضرت له اشكال القطارات كلها بما فيهاالقطار الطلقة اليابانى الشهير ...لبس البالطو والكوفية وفى التاسعة صباحا مشينا نتحدث على كورنيش المنيل ونتابع القطط والكلاب والأحصنة السائرة ,,,وعلى كوبرى الملك الصالح دلى رجله راغبا فى الغطس من بين حديد الكوبرى ونحن فى يناير وهو يردد بحر بحر ..اخذناصورة على الكوبرى ثم اكملنا الى محطة مترو الملك الصالح وقلت له هذا اول قطر ستركبه فى حياتك ....وتذكرت والده (ابنى) الذى كان مثله تماما مغرم بالسيارات والترام والقطارات لدرجة اننى اخذته وهو فى الثالثة من عمره الى محطة مصر وركبته كابينة قطار مع السائق وجعله السائق يطلق صفارة القطار ذات الصوت المهول وكان فى منتهى السعادة لكونه من جعل القطر يصفر بقوة وبيده الصغيرة ...ابنى هذا الآن مهندس ميكانيكا يعمل فى توربينات توليد الطاقة الكهربية العملاقه ...والطفل تظهر ميوله من البداية ...وآدم كذلك يهوى السيارات والقطارات ويفحصها بدقة ليعرف سرها الدفين ...وصلنا للمترو واجتزنا الحاجز بالتذكرة ووقفنا على الرصيف وجاء مترو من الناحية المقابلة ومشى فصرخ معتقدا أنه فاتنا... وغاب قطارنا خمس دقائق اخذت ألهيه بتعريفه بماسيحدث.. صفارة متقطعه ثم يقف ويفتح الباب لندخل مع الركاب ونجلس ...تململ من طول الانتظار ثم جاء المترو فوجد كل ماقلته حقيقة ...أجلسه رجل وسط الزحام وكلما اختفيت عنه وسط الزحام اطل برأسه لطمئن بوجودى ثم عرّف الركاب كلهم بى وبنفسه قائلا ...آدم .... جدو عادل... ويشير لصدره وصدرى ...جاء دورنا للنزول فى رمسيس فرفض النزول واراد ان يكمل ربما للمرج فالتجربة فريده والكل يبتسم له والباب مستمر فى الفتح والغلق كل محطة دنيا تانيه وعالم كبير جدا ومزدحم ...اقنعته اننا بصدد رؤية قطر اكبر من ذلك بكثير فنزل معى والتقطنا صورة فى محطة الشهداء ثم ذهبنا لداخل المحطة وقطعت تذكرة عودة لى وزوجتى للعودة لاسكنرية السبت ...فى قاعة التذاكر انطلق جريا وفرحا وفرجة على المحطة المجددة.... ثم ذهبنا للماستر سين بقى وهو القضبان والجرار والقطار وكان من حظنا اننا وجدنا قطارا على وشك القيام والجرار الخلفيى به السائق فوقفنا بجواره وهو يسمع هدير الديزل الضخم يدوى بالمحطة وافهمت السائق هواية آدم وغرامه بالقطارات فأراه الكونترول وكابينة القيادة ثم تحرك القطار ومعاه عمو السواق ولوحنا له باى باى عمو... وهو يمضى بالقطار الضخم بعيدا وكان الشيبسى قد اخذ يُقرمَش ويُلتَهم بين اسنان آدم الصغيرة وهو منتشى وسعيد بالفرجة على هذا العالم الحديدى الجديد ياللا بينا بقى على المترو الأزرق ...وجدته يجذبنى بقوة الى شىء مغطى وتبرز منه عجلة قياده وآدم يشدنى بقوة قائلا جدو سوق انا اسوق ...كانت هناك عدة وحدات من مكانس الأرض الكهربية التى تشبه الكلارك او ونش الشوكة واقفة على جانب المحطة فأخذته هناك فركب كالسهم وامتطى عجلة القيادة بهمة وكانه يقودها بجدية تامة ويبحث عن اى زرار يشغلها جاء مسئول وطردنا بادب خشية ان تتحرك المعدة بنا فنروح فى الكازوزه ...ركبنا المترو عائدين للملك الصالح وقررت للتنويع ان نأخذ المعدية الصغيرة التى تعمل بالمجداف مابين شطى النيل فى منطقة الباشا بالمنيل ...وكانت تجربة اخرى لآدم عاد بعدها منتشيا وسعيدا ...هنا فقط بدأ يسأل عن بابا وماما واخته آمنه وحكى للجميع على مغامرتنا الأولى فى عالم السكة الحديد وكل ما اصادف انتباهه لى أصفر له صوت الصفارة المتقطعة التى يصدرها المترو عند فتح وغلق الأبواب فيبتسم وتبرق عينيه جدا ...وكأنه يستعيد الذكرى

4 comments:

اسكندراني اوي said...

رااائعه تجربه تذكرني بما كان يفعل معي جدي لوالدتي ايام كنت صغيرا
عشت قليلا في الماضي وانا اقرأ السرد الجميل لقصة جدو -قطر
رايت لماعن عيون حفيدك من خلال السطور
وتذكرت كم كانت دهشتي وانا اشاهد ترام البلد في اسكندريه تتحرك على القضبان
ربنا يخليك ليهم ويخليهملك وتفرح بيهم شباب نافعين لدينهم ومجتمعهم وبارين باسرتهم يارب

Mosaad said...

شئ جميل أن تبذا هذا الجهد لتعريف "الباشمهندس" آدم على التكنولوجيا وخاصة المدرسة الكلاسيكية للميكانيكا والمتمثلة في السكة الحديد، أتصور أيضا أنك تبذل نفس الجهد لتعريفه بالكمبيوتر وأن تعرفه بأننا عشنا من العصر الحجري للعلم إلى العصر الرقمي، أما هو فقد بدا بالرقمي والله أعلم إلى اين يصل العلم بهذا الجيل ومايليه....بارك الله لك يا عادل. مسعد

maxmannour2 said...

أخى السكندرى بالقوى
انا نفسى كانت لى مع ترام البلد القديم الأزرق ذو السلسلة على الأبواب حكايات ...كنت اركبها مع والدى من محرم بك الى بيت جدى فى القبارى وكنت اصمم على الوقوف بجانب السائق ...فهناك على اليمين عجله نحاسية ضخمه تشبه دومان السفن وكنت اظنها عجلة القيادة الحقيقية للترام واننى شخصيا من يتولى القيادة والانطلاق والوقوف فى المحطات بينما السائق الآخر طيشه وليس له من دور سوى مساعدتى فى القيادة الرشيدة التى كنت اقوم بها وبجدية تامه ...ولا انسى توصية السائق بأن يتولى "هوّ بقى" القيادة بعد ان ينادى علىّ ابى للنزول فى محطتنا
" المفروزه" بالقبارى وهى عمليه تماثل تسليم السلطة الى شخص منتخب فى السياسة ...كنت فى طفولتى محبا ايضا للآلات والماكينات من صغرى ولا توجد معدة فى منزلنا لم افكها لأعرف سرها وكيفية عملها ....سرت هذه الكروموزومات فى ابنى وحفيدى ايضا

maxmannour2 said...

مسعد ...
اراك مثلى بس على جيولوجيا وديناصورات وحضارات مع اخفادك ...يا اخى استغرب على حب الأولاد لأشياء كان الآباء يحبونها فى طفولتهم ...اهى الوراثة ..ام الملاحظة والعدوى ..ان نور ابنى -ووالد آدم- هذا كان يأمرنى لنترك السيارة الفيات 127 الحيلة وننزل لنركب الترام لنزور والدتى من محطة مصر الى منزل الأسرة فى شارع الظاهر محرم بك ليستمتع مثلما كنت افعل بركوب الترام الحديدى الأصفر واعود مشيا لإحضار السيارة المركونة فيما بعد ...اما الحاسب والموبايلات فهذا الجيل الجديد يعرف فيه احسن منى ولد ليلعب فى الزراير ويعرف كيف بستخرج الصور ويطلب ارقام ويسمع فيه مواد معينه مسجلة بمهارة لا ادرى من اين اكتسبها فى هذه السن المبكرة ...انه جيل الكترونى بالفطرة ...شرفتنا بالزيارة وياريت تبقى بالروح والجسد معا فى اسكندرية

About Me

My photo
أحب الثقافة والفنون والشعر وتبادل الأفكار النافعة والهوايات المتعددة والمصنوعات اليدوية والرسم والمسرح والأغانى القديمة ذات المعانى الراقية والأفلام الكوميدية اتقن الكثير من الأعمال اليدوية (اصنع بنفسك )واهوى أصلاح أى معدة تتلف : حته جديده بقى أنا الماكس فى أحشائه الضحك كامن فهل ساءلوا بلوجاتى عن طرفاتى