..استكمالا لذكريات الستينات داخل الكليه وفى جو تعمه الكآبه والضغوط والحياه القاسيه داخل الكليه والجزاءات والعقوبات الانضباطيه كنا ننفس عن أنفسنا بالشعر والزجل ...كان لدينا فرقة موسيقى عسكريه عظيمه بقيادة الصول على المايسترو ومعظم أعضائها من المجندين من خريجى معاهد الموسيقى والكونسرفتوار ومحترفى الموسيقى فى الإذاعه ...هم على مستوى عال من العزف فيجندوا فى الموسيقات العسكريه كانو يعزفون لنا المارشات العسكريه لنمشى عليها فى التدريبات والعروض السنويه وطوابير القائد ثم يعزفون يوم الخميس فى الميس اثناء تناول الطعميه فى افطار مع مدير الكليه ...كانوا يعزفون مارشات حماسية تلهب حماسنا مثل مارش النصر من اوبرا عايده ...كان للفرقه تدريب اسبوعى فى قاعة خاصة بهم يعزفون فيها الى جانب الموسيقى العسكرية والمارشات سينفونيات وكونشرتوهات وسوناتات لكبار المؤلفين العالميين ...بيتهوفن وشوبان وموزار اللى موتسارت يعنى ...كانت موسيقاهم الجميله تجذب الطلبه هواة الموسيقى كما تجذب النداهه مريديها فيذهبوا مسحورين لسماعها ...كمال عزب كان من محبى الموسيقى وذهب لسماع تدريب الفرقة فى يوم لم تطلع شمسه أو طلعت ثم اظلمت فى وجهه ...ذهب مسحورا بالموسيقى فعاد حليق الرأس مجزى بعقوبة مغلظه ووجهه مصفرا وعيونه زائغه فقد طب عليهم عبده وهم فى حالة انشكاح موسيقى ومزوغين من المحاضرات فوضبهم بالعقوبات ....فى قصة كمال عزب كتب منعم يصف حاله وحالنا ايضا : ....
حكاية كمال عزب مع الموسيقى
الصبح قالت له نفسه اسمع مزمار
قفل الكتاب يابنى ياكبدى وخبط المشوار
للصول على راح يتفرج على طبله وطار
الحان جميله لبيتهوفن وشوبان وموزار
والناس جميعا تتمايل ويا الأوتار
وف لحظه طب عليه عبده * خد شعره وطار
طب ليه يافندم مايردش ولا يسأل فيه
طب ايه جريمتى انا ما فهمتش ياسعادة البيه
راح تمشى والا فى المجرى * تقطع ابونيه
خبطه اللى كان فيه القسمه ومضى له عليه
خد منه شعره ونوم ضهره وتمانيه جنيه
سمع الموسيقى بقى جنايه وجزاها السجن
طب ليه وهوه احنا ف منفى نحرم م الفن
شىء زاد خلاص عن تيت حده بقى حاجه تجن
تقعد تزعق وتهاتى والحيطه ترن
ولا حد يسمعلك مهما فى دماغه تزن
لاموسيقى ولا شرب سجاير ولا شاى ولا بن ؟؟؟
____________________________________________________
المعانى * عبده هو عبد التواب يوسف اركان حرب لواء الطلبه فى ذلك الوقت
المجرى* ...المقصود به الطابور الزياده للمذنبين وكان فى الظهيرة تحت العلم وبالشده الكامله والسلاح أما الجنيهات الثمانيه فكانت تمثل خصم ثلث المرتب الشهرى الذى كان 24 جنيها بالتمام والكمال وذلك هو مرتب الملازم الشهرى نصرفه بعد تخرج زملاءنا من الكلية الحربية
وعن طابور التمام المسائى كتب منعم يصف الأصوات المتعاليه والتى تصيح فى الطلبه لضمان النظام والتتميم على الطلبة مساء قبل المذاكره فى الفصول : كتب منعم يقول
بياعين الدوشه فى سوق التمام
بياعين المهيصه ودش الكلام
اللى بيجعر هناك واللى بيزعق وراك
واللى صوته انحاش وعيان بالزكام
بياعين الدوشه فى سوق التمام
قاللو تمم وانتو واقفين انتباه
والقوام مشدود ورافعين الجباه
واللى يرمش والا يهمس تلتقاه
يتسجن زى الأعادى
طب يابيه ماتقول ياهادى
هوه مسعور راح تلبسله اللجام
بياعين الدوشه فى سوق التمام
وعن يسرى الشامى قائد لواء الطلبه وقتها وكان من عادته ان يزغد الطلبة فى جنبهم عند منطقة الكلى لو أنهم اخلوا بالنظام فقلت فيه
انا المحلوق لى شعرى
انا المحبوس فى الجب
انا المزغود فى جنبى
وده كله من الشامى
ومن غيظنا من الثنائى عبده والشامى مصدر الأذى والعقوبات تصورنا انهم حراميه يسرقون حصيلة الكافيتيريا التى كانت تبيع لنا الكازوزه والجاتوه كان الجاتوه مقصورا على الكرات المصنوعه من بواقى التورتات ومغطاه بحبيبات الشيكولاته فقال فيهم منعم
ياشبه شلة حراميه والعهد قريب
يامشلفطين الكليه سرقه وتهليب
يومكم قريب ميه الميه وحلفت قريب
طب فين فلوس الكافيتريا بعد التشطيب ؟؟؟
والتانى ابن ال..تيت وابن الجزار
روح يابنى غور جاك ميت موته تشبه لحمار
طفحتنى فيها الكوته ليل ويا نهار
صبحت حكايتك حدوته بكره بتنهار
هذه فقط عينه مما كتبناه كطلبه وهناك اشياء أخرى فيها من الشتائم والألفاظ ما يندى له الجبين الآن كسوفا من القباحه التى صيغت بها الكلمات طبعا لايمكن نشرها لفظاعتها ...لكن المهم انه كان هناك راويه لشعر الدفعه اسمه حمدى كان يحفظ كل هذه القصائد ويرويها فى جلساتنا الخاصة وفى السنة النهائية عملنا امسية شعريه وأحضرنا كاسيت صغير للتسجيل كما لو كان حفلا مذاعا على الهواء من دار سينيما ريفولى ..قام حمدى والتسجيل مفتوح بتقديم الشعراء - والعبد لله الضعيف - منهم واحدا واحدا ومنعم منهم طبعا واليكم قصيدة هدوا المقام للشاعر مناحم ...لم يكن مناحم بيجن قد ظهر بعد ولكن متعم اسميناه مناحم ولا نعرف كيف ...فى وسط الانشكاح والقصائد الناريه وأنا كان لى قصيدة غبراء فيها من الشتيمة البذيئة ما يندى له جبينى الآن كانت لذم جباره الذى وقف يشتمنا فى الصباح لمجرد اننا نزووم فى طابور الرياضة ونقول بصوت مكتوم هوو هوو همم همم زى العمال وهى تعمل فى المبانى مثلا للتشجيع العام حيث اننا كنا نلف ملعب الكره 16 لفة يوميا على الصبح ونحتاج للهمه فى ذلك اوقفنا جباره وقعد يشتم فينا (يالمامه ياللى دخلتو الكليه خلسه )...احنا اللى دخلنا الكليه خلسه طب خد عندك بقى وقعدت ربع ساعة قبل المحاضرات تنهال الشتائم الفظيعه على خاطرى وقلمى فكتبت افظع قصيده فى حياتى تعج بالشتائم الفظيعه التى لا تخطر على بال أى مخلوق ولا أدرى للآن كيف كتبتها وبهذه السرعة كنت منفعلا جدا من الشتائم التى امطرنا بها الرجل وكان برتبة المقدم وقتها طبعا الجزء الأول لا يمكن ان اذكره هنا ...انما كل الدفعه تعرفه فقد ذاع صيت القصيدة فى اقسام الكلية بالكامل وفى الجزء الأقل بذاءة أقول ردا على شتائمه لنا لمدة نصف ساعة كامله
برميل وساخه ومتعبى كان إيه ذنبى اتصبح بيه
ع الصبح باسمع والختمه كام ميت شتمه من فم البيه
قال ايه طابور شمو النسمه ويا النجمه آخر ترفيه
وانا رئتى مليانه شتايم آه يابهايم والحق عليه
آل إيه دخلتو الكليه شوفو أبو ليه خلسه وتمويه
ودخلها هوه بمجهوده شوفوا بروده حقه مقويه
كان كلب واتربى ف ميسها خد من كيسها وعمل لنا بيه
والنسر ويا الدبوره وكاب ع القوره باستخسر فيه
حلل فلوسك يا تييت بدل الشتمه قول كلمة خير
طبعا الحفل تضمن تلك القصيده المصيبه معنونة باسمى "ماكس افندى بتاع سيارات 2 "وبينما نحن فى عز الانشكاح والضحك والتمايل طب علينا نفس العبده (اركانحرب لواء الطلبه )ونادى مناد "اثبت" فتسمر الجميع فى مكانه ودخل عبد التواب على الكاسيت مباشرة خلعه من الفيشه وانطلق لمكتبه دون كلمه سوى "سيارات محبوسه" ...كنا فى نهائى وسنرفد جميعا لو سارت الأمور فى مسارها الطبيعى... لم نترك عضوا ولا ضابطا لم ننله بالهجاء والشتائم حتى الفريق مدير الكليه قال فيه منعم
هدوا المقام لاحمر ودوسوا العمه
صاحب المقام سافل عديم الذمه
امشوا ف جنازته وكل خطوه تدب
دى جنازه كات حاره وميت كلب
تصوروا قصائد فى ذم مدير الكليه على الكاسيت وباسم المؤلف العظيم فولان وعلان ...متنا فى جلودنا لابد من سرقة هذا الشريط من دولاب عبد التواب حاولنا رشوة العسكرى الحارس للمكتب لسرقة الشريط ابدا طب تغييره بآخر فاضى ابدا طب إخربه وهو فى مكانه ...اتلفه... قصه.. ولا فائده ...حبسنا 3 أسابيع ثم اطلقونا فى الخميس الرابع عملنا حفل غنائى مهول فى فيلا احد الزملاء فى الزيتون فرحا بالنجاه ولم ندرى مصير تلك الأشعار الا بعد 10 سنوات عندما زرت مناحم فى منزله بالقبه وأخبرنى انه بعد تخرجنا اتو اليه وقال له مرسال عبد التواب انه يعرف انه شاعر الدفعة التاسعة وانهم استمعوا لكل بيت من الشعر قيل فى ذمهم وذم زملائهم وانهم كانوا يدعونهم مساء ويقولون اسمع يافولان طلبة الدفعة تسعه بيقولوا عليك ايه وكان ضحكهم يجلجل فى المكان على طرافة الكلام ومدى الشر الذى يمثله كل منهم فى قلوبنا وعقولنا وطلب من مناحم ان يكتب لهم قصائده بيده ليحتفظوا بها فقال استحاله انه الدليل المادى لشنقى وربما طردى فأقسموا له انه لن يمسه سوء فوافق بعد أغلظ الأيمان والتأكيدات بعدم المساس بأن يملى على المرسال من الذاكرة مابقى فيها من سطور دون أن يكتب بيده حرفا واحدا
أحيانا يكون الكبار متفهمين لدوافع الشباب فى تصرفاتهم الخرقاء حتى ولو كانت موجهة لذمهم وشتمهم شخصيا وهكذا سارت الأمور فى ستينات القرن الماضى